احمد سلامه يرد على عبد الباري عطوان: مقالتك مست روح” الحسين” العذبه وهذه هي الحقائق كما عشتها

رد الكاتب الاردني احمد سلامه الذي يشغل منصب مستشار ملك البحرين على ما ورد في مقاله نشرها الكاتب عبد الباري عطوان ناشر صحيفة القدس العربي الذي ردد في مقالته اكاذيب محمد حسنين هيكل حول توسط الملك الراحل الحسين بن طلال رحمه الله بين الاسرائيلين والرئيس العراقي الراحل صدام حسين .
وقد وصلت سرايا نسخه خاصه من الرد ننشرها تاليا والتي جاء فيها

صديق الحبر والدفاتر والكلمات القديمة
الاستاذ الغالي عبد الباري عطوان ،ابو خالد حفظهما الله

تحية مهنية .. عربية صادقة وبعد ،،،

أبدأ اليك رسالتي هذه بأحدى مقولات عبد الرحمن منيف الملأى بالحكمة “إن الرسائل فنَّ أهمله المعاصرون ” وحيث انك من بقايا المؤمنين بالرسائل ولم تفسد المعاصرة عليهم ذوقهم اليعربي ، وبما أنني ما زلت موقنا أن الشهادة بحق الاموات الصالحين ، هي في الشّرع والفقه عند أهل الجماعة واجب مرغوب ومأمول ، فانني أكتب لك هذه ، ليس درءاً لشبهة في نصّ ورد في مقالتك يمس شيئا من روح سيدنا “حسيننا” العذبة ، ولكن لأن الحقيقة هي فرصة للقراءة الثانية لأي نص من النصوص ، وانه لايخفى على موضوعية ومهنية الزميل الغالي ابو خالد لبس تبرئة رسالتي هذه من النيل أو الاقتراب من مهابة السيد الشهيد صدام حسين السامقة وعروبته التي استعذبنا حلوها وعطرها في الأردن وفلسطين ربما أكثر من أي سوانا من العرب ، لكن هذه الرسالة تبتغي مراداً واحداً هو “الأصابة للحقيقة ” … كما عشتها كجندي من جنوده غفر الله للتراب الذي يحبحب جسده الطهور أعني سيدنا الحسين …
فيما يخص أمر العراق واسرائيل ، الوارد عبر الرغبة الاردنية لدفع سوريا للسلام بالضغط عليها ..
أكتب …
.. في الثامن من أب عام 1994 ، تم ما إصطلح على تسميته افتتاح المعبر الجنوبي بين الأردن واسرائيل .. وهو عبارة عن ممر أمن للزوار والسواح ، يسهل الانتقال من القدس بإتجاه البتراء والعقبة ، في نقطة شمالي مدينة العقبة بقليل ..
وبرغبة من صاحب الجلالة المغفور له بأذن الله تم اسناد المهمة كاملة في افتتاح ذلك المعبر المشترك ، الى مكتب سمو ولي العهد سيدي صاحب السمو الأمير الحسن بن طلال ،حفظه الله وأمده بعزم موصول …
وبأمر من جلالته رحمه الله ، كُلفت بحكم وظيفتي الأعلامية في معية سيدي صاحب السمو الأمير الحسن ، بتنفيذ النشاط الاعلامي كله لإفتتاح المعبر الذي يشارك فيه ( سيدي الحسن) عن الجانب الاردني ، واسحق رابين رئيس الوزراء الاسرائيلي ، وحضر معه وزير خارجيته ،شمعون بيريز ورئيس أركان جيشه أيهود باراك ومدير استخباراته ( هاليفي ) ، ومثل الجانب الأمريكي وارن كريستوفر ، وزير الخارجية الأمريكية .

.. بعد افتتاح المعبر ، دُعي الجميع الى غداء في منزل سيدنا في مدينة العقبة …
عقب الغداء ، مثلتُ بين يدي سيدنا رحمه الله وبحضور سيدي الحسن ، ووجود الأخ علي شكري مدير المكتب الخاص ، في غرفة الطعام …
قال رحمه الله ، وأنقل من ذاكرتي التي تدعمها أوراقي الخاصة حرفيا …

أحمد يا أبني …
أريدك أن تطلب من الصحفية مندوبة الجوردن تايمز .. وذكر أسمها ( نيرمين مراد ) ، أن تسأل رابين في المؤتمر الصحفي السؤال التالي ” إذا ما التزم العراق وصرح بذلك التزامه حل النزاع العربي الاسرائيلي ، استنادا الى كافة القرارات الدولية الصادرة عن الأمم المتحدة ، ومجلس الأمن ، هل ستعملون على رفع الحصار الدولي عنه وإعادته للمجتمع الدولي ؟!

كان المؤتمر الصحفي في ذلك الوقت في حديقة القصر ، وشارك فيه سيدنا ، وسيدي الحسن ، واسحق رابين ووارن كريستوفر وزير خارجية أمريكا ، وجلس أعضاء الوفد الاسرائيلي خلف رابين ….

كنت أنا المنظم لذلك المؤتمر ، وقامت الزميلة الأستاذة نرمين مراد مندوبة الجوردن تايمز ووكالة الانباء الالمانية ، بطرح السؤال حرفيا كما ورد أعلاه ، أجابها رابين ( إن التزم العراق بذلك فلا خلاف معه عندنا )
فجأة انتزع الكلام من دون ترتيب وزير الخارجية الأمريكية “كريستوفر” ، وأجاب برغم إنه لم يطلب منه أحد ذلك .. وبصورة حاسمة وتشي بشيء من الغضب
( موضوع العراق لا علاقة له بعملية السلام الجارية في الشرق الاوسط ، ورفع العقوبات عنه”العراق” يقرره المجتمع الدولي بعد تأكده من تنفيذ قرارات الشرعية الدولية بما فيها أسلحة الدمار الشامل ، وبغير ذلك لا عودة للعراق ولا رفعاً لحصاره))

تكهرب الجو ، وانقطعت إحدى محاولات “الملك ” لانقاذ العراق ورفع الحصار عنه .. ولم يتجاوز الملك في مبادرته الحائط الأمريكي كي يصل الى عرض معاهدة مع العراق .. لم يسمح الأمريكان لأحد بغير ذلك ولم يجر أي تواصل لبدء التفاوض ، لأن موقف الرئيس الشهيد صدام حسين كان حاسما وواضحا في ذلك الأمر لا لبس فيه ، ولم يسع الملك من جانبه لتليين موقفه ولكنه كان يسعى بشتى الوسائل لانقاذ العراق …

فقط أود ان اختتم هذه المداخلة المتواضعة بشيء من اليقيين المشتق من نواميس الكون والطبيعة “إن الامور تقاس بنتائجها وخواتيمها …

التاريخ لايتوقف على كم ساعة جالس صلاح الدين الأيوبي “ريتشادر “قلب الأسد ، وقبله لايدين التاريخ ولا الدين ، النبي العربي الهاشمي الأمين (محمد) صلى الله عليه وسلم ، كم ساعة جالس أهل الملأ من قريش حتى وصل الى صلح الحديبية ، الذي اعتبره الفاروق عمر بن الخطاب مُذلاً للمسلمين ، ورأه الرسول (ص) بوابة الفتح وأول الحماية للأمة المنبعثة .
ولايتحرج التاريخ في ذكر كم جالس الحسين اليهود في حياته … مئة ساعة ، او الف ساعة … لكن على قياس الأمور بخواتمها أذكر للحسين الزعيم ..
حين تعلق الأمر في مصير الأمة ، في ومضاتها او انكساراتها التاريخية الغامضة المقلقة ، كان الهاشمي حسيننا أول الأمة وأول التضحية …

_ في 1/3/1956 ، عرّب جيشه قبل العدوان الثلاثي وحشده مغامراً بمملكته وملكه .. وتوسل له عبد الناصر ألا يدخل الحرب ..

عام 1967 …
بحدسه كان يرى ، وبقلبه كان مرتاعاً على الأمة ومصيرها ، وبخبرته العسكرية استنتج وأدرك ، استحالة هزيمة اليهود ومع ذلك ، فاضت عزته العربية ، فقطعت كل العرب بالتضحية من اجل عيون عبد الناصر ، ودمشق والعرب ، وخسر نصف مملكته وضحى بقدسه ، كي لا يكون إثماً على المؤمنين كافة ان استبدل اسمه يوما ما بصفة لا زمته أبداً ، الملك الضحية ، والملك المضحي .

_ عام 1980
اندلع الحريق على عتبة البوابة الشرقية للوطن العربي بين العراق العربي ، وايران المسلمة ، وتلعثم العرب في وقفتهم ، فمنهم من جرجر نفسه ووالى الأمام ومنهم من إستحى فوالى ” الرشيد ” على حياء ، وكان الطبع والدوافع والأسباب المجتمعة تملي وتجيز للحسين الحياء …
فـ دم ابناء عمومته لم يجف بعد في قصر الرحاب وهدهده الحزن بحداء العراقيين ونواح العراقيات
” يا اللي كفنّت الملك
قل لي شنوا أحواله
بالتيل لو قتلوا عمد ..
ويتموا عياله …

الخ أخر حزن العراق على الهاشميين ، غزي وفيصل رحمها الله .
لكنه كان أسداً لم يحاصره الحقد ، ولم يعرف الثأر قلبه قط .
أول العرب كان الذي جلجل بصوته
( نحن مع الحق ومع العراق
فالعراق ضهرنا وظهيرنا )
يرحمه الله .

_ وفي عام 1991
حين أرسل العرب جيوشهم لذبح العراق ، حتى جيبوتي أرسلت “أمبالنس” لدعم المجهود الحربي الأمريكي ، والشقيقة سوريا دعمت قوات التحالف بـ 25 الف جندي مما نعرف وكان جنودها أول من زف النصر على الجيش العراقي .
كان هو زرقاء يمامة الأمة الحسين ، ألحقه الله بجده في الجنة من قال بالحل العربي ..
لا لغزو الكويت
لا لتدمير العراق
من كان مصيبا مثله .. حين ذبحت الأمة بعضها بعضا في معركة أسماها المنتصرون حفر الباطن وتندر بها المهزومون وأسموها بطن الحافر ، كان هو وحده من يوقظ حوافر الخيل للوحدة من غير بطون …

سلام على روحه الطاهرة .. فقد علمنا كيف نلغي المسافة بين النبي والملك .. وكيف نبني العلاقة بين العروبة وبين التسامح .. ونصل الود بين أيوب النبي والحسين الملك .
يرحمك الله فقد كنت هاشمياً بخلقك ، عربيا في مداك ، اردنياً بخلقك وجودك ، وبصرك ..
وأشكر للاستاذ عبد الباري عطوان منحي فرصة ذكر بعض الحقيقة .