أحمد سلامة يكتب: عن قمش والحياري وأشياء أخرى

أي بني ناصر،

هل أبدأ لك بما صار عندي كـ (لازمة) من لوازم الاستهلال في مثل ما أنا فيه معك اليوم، حين أهم بوضع رسالة لصديق، او صديقة ، لـ أخ او سيدة …

فاقتبس “الرسالة فن أهمله المعاصرون” !!

وأضيف أكثر … أكتبوا احسن ما تحفظون، وأحسن ما تقرأون …

ان الاولى حكمة لذلك النجدي البهي، حيث جعلت الغوطة من حروفه غابة من ياسمين، عبد الرحمن منيف رحمه الله …

أما الثانية، فهي نصيحة خالدة فَنَيَ رأس صاحبها على عود مشنقة بغدادية ذات دسيسة في التاريخ ظلت غامضة … فمضى جعفر بن يحيى، وبقيت حكمته فينا غامضة أسبابها …

إن بهاء هذه الحكمة، وسبب تشبثي بها، هو الانحياز للخلود.

يا ولدي ….

ان الكتابة هي “الأبد” فالرؤوس تندثر وكل إعلام الفضاءات الجديدة، سيخصع لانزياحات الحياة ولئن كانت البهجةُ والاحتفاء بلعبة ما أنت فيه الان من مجاهدة أعني الصحافة الفضائية، قد شغلتك حدّ التعب المفرح، فأني لناصح لك.. فيما أراه يقينا مثل شيبتي وايماني بعروبتي. ان كل الفضاء وعلمه، وإعلامه وصوره، هو حبات من رذاذ تتكثف فتصير ثورة في صورة وهمٍ لربيع، او تعين عليه … وتغدو كأنها الفعل ذاته.

لكن الوعي والعلم والتحليل يجيز لنا التوقع، ان هذا الضجيج الاعلامي فيما أحب ان أسميه بيني وبين نفسي “إعلام الرذاذ” .. هذا الاعلام، صحيح أنه يبدو وكأنه يتحكم في الحياة الأن.

لكن.. “غداً”؟ ، لست متأكداً من سحره…

وسيظل القلم، والنون وما يسطرون، لمئة سنة قادمة على أقل زعم في الرؤى .. ستظل هي ثلاثتها شهوة الدنيا وسطوة العرب الأولى على الأقل …

ناصر:

أبارك لك رذاذك الفضائي ، في مسيرته الهادفة وعبورك به ، مجاهداً الى سنة اخرى …

لكني سأكتب لك عنك يا ولدي … وليس عن موقع الإصلاح …رغم انني أراه على ما أستطيع ، لكن حماسك به ، واقتباساتك المريرة ، المفعمة بحب أدركته بعظمي قبل قلبي .. في احتفالك بالموقع ، هو من أضاف سبباً الى أسباب تلاقت علي عند نهاية العام .. ووجدت نفسي أعدك أن اكتب لك عنك …

بُنيْ ،

لا أقدر الا أن اقول لك ما تحتاجه مني حول هذه الرسالة هي محض شخصية، وليس عندي اي دافع منها سوى، هوى يستبد بي أحيانا فيصير هوسا “بأردنيتي”، تلك الصفة التي احرص ان أموت عليها او بها ان شاء الله ..

ليس لانها هوية، أفاخر بها على أية هوية عربية أخرى .. بل لان “الأردنة” عندي فيما انا كافحت من أجله بالفهم هي أرقى صورة لهويات العرب المستمدة، والأردنة عندي أبدا لن تكون، حارة، او حاكورة جغرافيا نخبيء فيها أشياءنا الماكرة…!!

بل هي واحة لـ(أمة )، أتقن مؤسسها ومن معه صناعتها على هيئته..

والهيئة الهاشمية.. هي هيئة العرب، الذين نحتوا من الخيام الراحلة، كعبة العرب.. وحجر الرحى الذي صار منتهى المعنى للأمة .. كما فتحوا بوابة ” سمحة “، أعلى من التسامح، أعلى كثيراً، للرسل واتباعهم .. فصار الأردن بهم خير هوية مستمدة، وليس هوية فرعية..

انا أكره ولا أقرّ نقل الترجمة “للهوية الفرعية” !!، فليس لدينا مثل الذي في اوروبا .. لكن لدينا “هويات مستمدة” من دور ( قصي ، والكعبة ومحمد(ص) ) وتاجهم كلهم ( إنا له لحافظون) ..كتاب الله ..

أعود اليك ..

فأقول ..

كل ما ورد هو فكرة وليس سياسة، حب بأيمان، وليس تملقاً لأحد، فقد طوينا صفحة الرغبة في أن يكون تأثير ما أقوله عبر موقع، فلم يعد في دنيانا مواقع يرنو اليها المرء، بعد اضمحلال الكثير ممن شغلوها، فتأكلت بهم هيبتها، وكذلك قدرتها…

وفي حالتي وتجربتي وعمري، فانني أود السعي الى عبور لحظات المواقف، وولوج بواباتها…

ذلك فيه تكفير عن أثام قد مضت وربما أننا اقترفناها بحسن تصور، كما أن روائح المواقف تعلق في الروح، وتدوم أكثر.

أي بني ،

أكتب لك ، والحق لك، أن تعممها، أو تمزقها، أو تحافظ عليها بحفظها في اوراقك .. فهي لك .. وليس لغيرك هذه المرة ..

لماذ أكتب لك يا ناصر، يا ولدي ، دون غيرك .. ؟! ..

لأنك انت وعبد الهادي راجي المجالي ، ورداد القرالة ثلاثتكم ، أحس دوماً أنني خذلتكم على نحو ما ، أو فشلت في اعطائكم (بحكم العمر) ، ماراح لغيركم ممن لايستحق …

وثانياً ،

أنك أكثرهم يا صديق ، كتبت عني .. وأنا هنا بعيد وتبنيت مشروع وهم عماده حتمية ” الإياب” الى وظيفة لي، او الى حتى مجرد عودة بيضاء، وفي اخر مقالة لك قبل شهور في موضوع عودة أحمد سلامة، تعرضت أنتَ لذكر زملاء سابقين لي، صاروا غراً ميامين في وظائف رفيعة، وبدت في لغتك حسرة تجاههم، أحزنتني عليك لأنك ترى فيّ صور رجال صاروا رجال دولة، كنت تراهم أصدقاء، وحلفاء ومعازيب لنا حين جمعتنا ” الهلال” وقبلها حين كان أغلبنا في بلاط ” سيدي الحسن”، كنت ترانا هكذا من يجلس في صف أول أو مقعد أول، وكيف ” دار الهوى دار” ..

حزنت لأنك كنت ترى الأشياء من زاويتك، لكن كان لي زاويتي التي لم أبح لها بك من قبل..

ورغبت بها اليك الأن .. اوشوشك بها ..

بها لتكون درساً وحكمة لك وحاول أن تزرعها في عقول كل من تراهم أهلا لذلك..

أي ولدي الغالي…

الوطن ليس حقيبة، نحملها أو نحمل أماننا بما نودعه فيها من ضمانات وأسرار.. الوطن عندي هو الأردن..

والأردن، عظمة تكوينه ، انه يمنح ” الوزن النوعي” للرجال على مايروه ” انفسهم ” وما يقدمونه في حياتهم ..

بهذا المعنى ، ثمة معارك ومواجهات ، أفقدت الكثير من الرجال ، بعضاً من مهابتهم وهيئتهم.. بل وأضحوا حين ترى بعضهم يتراكضون الى جاهة ، ( خُطّاب) بضم الخاء ، تحمد الله أنك لست منهم .. لأنهم تقاعدوا على حزن ، ويستذكرون أدوراهم بـ “بؤس” ..

لكن بالنسبة لنا نحن أهل المهن ، نستطيع العيش بمعزل عن بريق السلطة ، لأن الأقلام وحدها القادرة على وصف البريق بدقة ، وتخلده .. !!

لم أشأ أن احجاجك فيما كنت متحمساً به ، وأخرت حديثي هذا اليك أتدري لماذا ؟!

كان القاهر للضعف حد الصلف شفاه الله ، الخلْ ، زيد الحموري قد أجل مقدمه لزيارتي أكثر من مرة في البحرين ، لذرائع تخصه حيناً ولمشاغل وشواغل تبعد الفكرة حيناً اخر ..

ولما أذعن زيد لحبي والحاحي وقرر المجيء ، سألته أن تكون صاحبه في زيارة البحرين …

ولم تكن تعرف أنت لماذا ..؟!..

لانني يا ناصر، استطيع يا ولدي ان اكون “انا” فقط مع أن احبهم .. وتستطيع أن تراني في البحرين على حقيقة ما انا فيه .. حين أبوح بحبي …

وليس أكثر من زيد ، قدرة في الكون من تفجير ينبوع الحياة فيّي.

ذلك ؟! ..

ذلك أننا عشنا في الوسط من الحياة معاً في هيئة بيت واحد ، حين كان الأردنيون يفهمون معاني القرآن بتصوف أردني يخصهم ..

“رب ابن لـ عندك بيتاً في الجنة “..

هذا المقصد الرباني يعني أن “عندك ” …الجار قبل الجنة ..

بالمصادفة …

سكنا أبو نصير معا .. وكل من تراهم كانوا يصطفون ” بالبورش ” “واللامبرغيني ” “والبوغاتي ” والنياشين وبعض رتب ، ويضبطون مواقيتهم بالروليكس والشوبارد والأميغا .. على باب حارة (3) في ابو نصير ، وكان زيد يستقبلهم ويرفض افكارهم كصاحب بيت عندي ..!!

بالمصادفة … مرضنا معاً ..هو ذهب الى صدامه ، مع مرضه ولم يستعن بأحد ، سنديانة كان وظل واقفاً .. وكانت فروسيتي لاتداني فروسيته ، حين أنجدني الفارس الشهم ” فراس أحمد سلامة ” ولد ” مها ” وابني .. بنصفه ، كي اعيش على هامش عطاءه وعون الله سبحانه قبل كل شيء …

وصار زيد يوارب في حبي ، ويفني في حب فراس .. واحبُ ما احب هذا فيه ..

اكتب لك .. وحدك ..

كأننا زيد وأنا اكتفينا معاً..

الحمد لله ، الكفاية عندي هو أن تسدد قروضك في مواقيتها لا أطمح سوى ذلك أبداً .. وأن تقيم وليمة لمن تحب بدون أن يأتيك الطباخ في اليوم الثاني وتقول له ” تعال بعدين “.. بس !!

الأن ، وقد شرفت البحرين في صحبة “ابو الفرح ” .. أظنك رايتني ما يبرر لي انك تصدقني في كل ما أقوله لك تاليا ..

انت من قلت ان الاستاذ العم الوالد جمعه حماد طيب الله ثراه هو من قال عني ” ان الموهوب لايضام ” .. وأشهد الله اني سمعتها منه .. اوائل الثمانينات امام رهط من الزملاء ..

وأنا اضيف لك ،أن الموهبة وحدها ليست سلاح الخلاص في الحياة بل يسبقها الحب ، والقدرة على الحب من يجعلك متفوقاً ، وان تعطي كل ما تحت قدرتك بقلبك لا بحساب ..

أنهي هذه المقدمة فأبدأ..

كتبت اليك اليوم على هيئة مكاتبة ، ومكاشفة أيضا .. لأن حشرك لي أسماً وحباً ودوراً في مقالتك التي تحتفي بها في الإصلاح .. أمس او قبله بيوم أو اثنين وألبوم الصور الذي ثبته والذي جمع المؤمنين والمحسنين والراحلين والداعمين والمشاركين في هذه التجربة ، قد احزنني عليك حدّ البكاء .. ولقد ذرفت دمعا صادقا على جيلك ” الميتم ” ..

كنت قد اضطررت أن أقول في تجربة ” الهلال ” المؤسفة ما تضطر لقوله أنت الأنّ ..

كم يحزن أن يلجأ ، عازف القيثار إلى ” طبلة ” ليلفت النظر .. وكم هو موجع للموسيقى والأبداع ، أن يستبدل البيانو ، بـ ” الناي الحزين” ..

لقد اجتمع علي صور اربعة على حواف أخر يوم في سنة الرقم الصعب (2013) ، وبواكير الزوجي المرح (2014) !!…

احتفالك بالإصلاح ، على هيئة ما كنا نحتفي ” بالموؤدة الهلال” ضعفاً ، وضيقاً وحزناً واستذكارا للمحسنين ، وكان ذلك فيه وجع للذاكرة لم أستطع مدارته فكتبت … وصورة الصديق محمد الخطايبة ، يكتب لـ “جون كيري” ، بتواضعه المعروف وخلقه الجم ، وكأن كيري ” ابن خالته ” !!..

ودعوة الزميل الذي ضجرنا من صداقتنا حدّ الأحتراب ، ولكن مروءة الأخوة ، وضجيج الأردن الذي علا على خصومتنا فأقلقنا فعدنا لبعضنا .. سمير الحياري ، دعاني لـ( خطوبة ) أحمد كلله الله بعز ..

حين رأيت سميراً يستقبل سميراً ، في الجاهة عبر صور عمون .. رحت بعيداً ، ثمة تاريخ بأكمله قفز إلى الروح … فكتبت ..

اما الصورة الأخيرة ..

فقد كانت معالي السيدة ليلى شرف في ضيافة معالي الشيخة مي بنت محمد “آل خليفة” في البحرين .. كان لي شرف ان أمثل ديوان سمو ولي العهد ، ومعالي رئيسه الطيب الشيخ خليفة بن دعيج آل خليفة ، في الاحتفاء الكبير الذي أقيم تكريما لمعالي أم ناصر .. وألزمتني المناسبة أن أقول .. واستذكرت بعضاً من قطرات ندى الحسين رحمه الله ومررت على محمد داودية ، متعه الله بكل حسن شأنه دوماً ، وعلى شموس الأردن الخالدات …

لحظت وانا أقول بعض دمع في دمعها ، والعمر يذهب بعض مكابرة ، فصرت كلي دمعاً..

أشياء كثيرة تغيرت ..

لكن ياولدي ثمة شيء واحد أحب ان أوصيك به ..

حب الأردن لا يتغير..

لأن الأردن وطن حقيقي ، الاردن أكبر من الجغرافيا ، وحتى أكبر من خواء بعض رجاله ..

همس استاذ القانون ، أبن التربوي الجليل هاني خريسات ، وبطريقة د. مالك الحنونة وهو يهاتفني عند المساء..

لقد شممنا حسرتك يا صديق ، كانت رنتها لاتدارى ..

وأجبته ..

نحب هذا الاردن ، والحمد لله ..

ولدي ..

ثمة اشياء كثيرة قادمة علينا .. واسرار المرحلة قد تبدأ كلها تتفكفك .. فأستاذ المرحلة قد ملّ الكلمات المتقاطعة ..

ناصر يا ولدي ..

إنك من جيل عرفته عن قلب ، وليس عن قرب وحسب ..

وانك يا ناصر ، احدى أهم قلة في المجتمع ، تستطيع التفريق بين “مكرك” ، و”حبك ” حد الهيام ..

وقد رأيتك أول مرة في حجر “باسم ” في المهنة ، “فتى” يرموكياً ، تداري رئاسة عبد الرحمن العبوشي “بيد” وولع ” الكبير سليمان عرار” الذي لم يمت قط ” بيد ” حين أجلستك في القلب هناك على باب الجامعة الأردنية .. في مقهى للعب الورق “قرطبة” ..

تلك السنة كانت سنة قوة “مكتبنا السياسي” هذا التعبير الذي نحت لمجموعة من الصحاب ..

نادني الحسين يرحمه الله ، حين غادرت “الرأي” احتجاجاً على الذي جرى وأسميناه يومها انتفاضة “الرأي” ، كنا أول مرة نواجه “معلمنا” وكبرت العيال !!..

كان سمو أبو شاكر يرحمه الله ، وحيدر محمود أطال الله في عمره ، ورئيس الديوان الملكي وقتذاك ، الذي حلّ بالوظيفة مؤخراً..

لم يكن يدري ، أن سيدنا الحسين كان يعمل على اصدار صحيفة قومية جامعة .. وكان هو معالي عدنان أبو عودة ، من صمم أفاقها ، حين كان رئيساً للديوان ، وكان سيدنا له رغبة أن أقود التجربة ، ويناصره في ذلك سمو أبو شاكر .. وجلسنا لبولرة ذلك سراً دون معرفة من أحد ، وتغير رئيس الديوان ، وكان له رغبة أخرى في التجربة كلها ..

لله در الحسين ما انبله ..

فقد وافق رئيس ديوانه الجديد على كل ما إشتهاه .. وكانت “النهضة” ، كنت مجرد عضو فيها من أربعة عشر أخرين .. و” النهضة” قصة أخرى سنرويها ، بالتفاصيل يوماً ما ونكشف نقاء المثقفين المزعوم !!.. أحيانا ..

في لحظة واحدة

كنت صرت كأنك واحداً منا، يا بني ..!!

لم يطل بنا المقام ، فقد ارتكبت من جانبي “خيانة” للمهنة وغادرت بلاط صاحبة الجلالة ، ورحت نفراً عاملاً في بلاط صاحب الجلالة.

كل الأردنيين لديهم بطولاتهم ، ما ظهر منها وما بطن ، لكن الأردنيين يعرفون بعضهم ومن فوق مبالغاتهم احياناً التي تندرج تحت ثقافة (احنا منعرف) ..؟؟!

قضيت عشر سنوات إلا قليلاً .. أشهد الله أنني رضيت عن كل ما فعلته . حتى بعض أخطاء رأها الأخرون مبرراً لأبعادي عن الأردن سنة كاملة ، لكن ثبت فيما بعد أنها كلها حكمة ووعي ، وقد وقع كل ما حاولت التنبيه اليه .. لكن !!

عدت بك لـ “الهلال” ..

وهي قصة تحزنني لشدة ما ظُلمت كتجربة ، وتم اختصارها من بعض صحاب قدامى، إتهموها بالتكسب ومازلنا نسدد ديونها من “الغربة” وهم رحلوا من بيوت الأسكان التي هي مثل بيوتنا الى قصور شكلت إشمئزازاً وقرفا لكل للأردنيين ، ظُلمنا والحمد لله، أننا لسنا من الظالمين ، لم تزل ترن بعد سنوات قاربت العشر الأمر الذي أصدره ذلك المسؤول المتعجرف على “الهلال” وكان يظن أنه “باق الى أبد” حين حمل له عمر سلامه دموعه وتوسلاته بأسم سبع وثلاثين أسرة كانت تعيلهم “الهلال”، مازالت كلمته ترن في قلبي .. قال مستهزئا ” السبع وثلاثين أسرة إلهم الله ، لانريد صحافة ولا صحفيين .. مع السلامة .. سكرناها ” !!

عقلية الدكاكين والدكنجية يا ولدي مؤلمة مثل ضرب السكاكين …

ماذا أقول لك يابني ..

أحب أن أذكر عنك اليوم .. انك يا ناصر ، أذكى من عرفت في الرقابة كرئيس تحرير …

و أنت العتيد ..

وانك وأحد من ” ولداننا ” المخلصين المؤمنين ، الذين يطوفون على الأردن بالمحبة ، وعلى المهنة بـ(الأستذة) لم تأخذ حقك في جيلك !!..

ذلك ان القدر والحظ قد حذفاك الى الصحافة الأسبوعية ، وتلك “حديقة” ، لم يعترف بها في وطننا ، ” وضربَت الحكومات ” عليها ” الذلة والمسكنة ” وشلحوها كل وسيلة من دعم أو اعتراف ، فحارت وحيرت وخارت وخيبت جيلاً ، رغم عظيم طاقاته !!..

هل اقول فيك رغم حداثة عمرك نسبياً ، أنك صديق ، فيك حكمة ، وتحكمك مواربة من صنع حياته على صفيح ساخن .. وفيك شهوة الأبوة السامية ..

هل تعلمت من عشرتك الممتدة فوق ” قرنين ” من زمنٍ أشياء ثمينه..

اجل يا ولدي ..

أول ما أشهد لك فيه أنني تعلمت منك كيف تلزمك الشجاعة أن تكون جباناً في وقت شدة ، ولقد كنت خير من علمني ذلك ، لكنني فشلت في قدرتي على المعايشة مرات ..

يا ناصر .. يا حبيب ..

أنت واحد من قلة أردنيين تكتم ما تعرف مهما غضبت ولا تبوح بشيْء عن صديق تفوح منه رائحة الخيانة ..

وهذا أنبْل ما ميزك عندي عن كل من عرفت ، ولم أعرف مثلك في هذا الخلق .. في ” مهنة المناقب” هذه إلا باسم سكجها ..

كلنا فضاحين مُفشين لما نعرف كنا، لا نتورع من خذلان بعضنا بالتزوير أو بالتدوير للحقائق .. “إلاكمّا” ” باسم وانت ” ..

هل امضي لما تحتاج انت الى قوله ..

ولايحبك من لايعرفك ، ولايعرفك إلا من أحبك لذا فأنت مختلف على موهبتك وقدراتك ..

لكني اشهد الله ، على قلة ما يحق لي لأن أقول في المهنة ، فأشهد شهادتي .. فأدعي ..

ان أحسن من مرّ على في كتابة الخبر الصحفي كان عمر عبندة ، وأحلى روح محرر عندي ولم يزل سمير الحياري وأحب العناوين ستظل لباسم سكجها .. وأجمل التحقيقات الصحفية لـ كمال كيلاني ، والمقابلة السياسية لم تصنع إلا لـ نصر المجالي وأستدرك فاقول .. ولـ فيصل الشبول ..

ليس قبلك يا ناصر قمش رئيساً للتحرير رشيقاً ، ورقيباً وحسيباً ووطنياً أيضا إلا اثنين .. محمود الكايد وجورج عيسى .. وهل قلت لك أن المقالة لم تخلق الا لعبد الهادي”أبو زينة” .. ويظل أستاذ اللغة بلا منازع ، الذي يلبس الصحيفة ربطة عنقها الأنيقة ، هو الأستاذ الزميل الأخ محمد ناجي العمايرة .. و” خليل المزرعاوي ” عين الحب الأولى ، وعدسة الرصد التي لا تقلد

أدميت حروفي أيها الصديق بطريقة احتفالك بالإصلاح ..

أدري ..

ان فيصل الشبول ، قد ” خانك ” وتركك على الجسر وحيداً ..

لكن الحمد لله ” انه خانك مبكراً” ، لأن هذا الكريم لم أتمن أن يحتفل بالإصلاح كما احتفلت ..

الحمد لله ..

إن “ابو عمر” لم يقع في فخ ما وقعنا فيه كي يظل على رونقه ، فخضرة الشجر فيه ، لا تستاهل اي تصحر مما أنت فيه ..

ولدي الأثير ..

لو أن لي كلمة ، او أن رجاء لي يقبل بعد في عمّان لرجوت ان يستفاد منك ومن كل جيلك أكثر ..

لكن مساحة القبول قد ضاقت ، فلم أعد أطلب شيئاً .. هل أستعير من جمعة حماد ما قاله ..

“انت موهوب يا ولدي يا أبا باسل ، والموهوب لا يضام “

أُسلم على وعيك ، وعلى أردنيتك ، وعلى شرفك المهني ، واقول لك خلقت لتكون صحفيا ً…

لن أقلق عليك ، رغم أن كفي مزمومة الى غربتي لا انفعك بشيء ، لكني أقول لك ..

الأردن وطن جميل ، وهو وطن مفعم بالحب وان بدا أحيانا غير هذا ” لزيز ” ايضا …

هل تعرف قصة “الأردن لزيز” !! اسأل عنها صاحبها ..

نقل اليّ أحد الأصدقاء أنه أقترح على مسؤول كبير بشدة أسم شخص لشغل منصب ، فأجاب ذلك المسؤول بأدب ماكر ، كيف صحة فلان ، سمعت انه صحته مش كل هيك ؟؟..

تلك خديعة أردنية في الأعتذار !! .. تكملة القصة ان “العارف” للشخص ، يعرف التفاصيل كيف ان الشخص الذي استفسر المسؤول المهم عن صحته .. كيف بذل كل غالٍ وغامر ، حتى يأتي بذلك المسؤول …

ويعرف أكثر ، كيف دافع عن صحة المسؤول المطعون فيها وليس صحته تلك قصص تروى ، لكن ليس كل ما جاء إلى منصب يعرف كيف جاء وحين ينتهي ليس بالضرورة أن تكون سوء صحته أو تحسنها هو السبب ..

ناظم حكمت قال أجمل القصائد هي التي لم تكتب بعد ، وأقول لك يا ناصر …

أعذب فرصك في الحياة لم تأت بعد يا ولدي .. وأعدك انها اتية …

وكل عام وأنت على حب للوطن …

@الاصلاح نيوز