رواية بكر خازر عن حابس باشا

اعجبني دوما ما يكتبه بكر خازر المجالي في قضايا التاريخ الوطني، ولقد جمع شغفه بالتاريخ الى حبه للاعلام الى خدمته العسكرية، واحسب ان جسارة فيه قد عمقتها اقامته في المقر السامي مدة من زمن،

في روايته عن موقف حابس باشا المجالي رحمه الله الفارس الشهم حول موضوع (معاهدة السلام) في اكتوبر 1994.. كل الرواية صادقة بالكامل مع (لزوميات كان على بكر ان يضيفها حتى تكتمل الرواية) ولانني بحكم حسن حظي كنت واحدا ممن حضروا ذلك اللقاء بين (الشخصية الكبيرة، التي اوفدها المغفور له باذن الله سيدنا الحسين لزيارة حابس باشا لابداء رأيه في المقترح اليهودي الذي ورد على لسان اسحق رابين وبطلب منه ( ان يتصافح العسكر الدين صنعوا الحروب ليصنعوا السلام) كانت تلك الشخصية التي وصفها الاخ بكر (بالشخصية الكبيرة واضيف النبيلة ايضا) هو صاحب السمو الملكي الامير الحسن اطال الله في عمره..

ولست ادري ما الحكمة من اخفاء اسم الشخصية الكبيرة من الذي نقل الرواية للاخ بكر خازر..

وانا ساحكي القصة كما استمعت اليها بحكم عملي ذالك الوقت كواحد من العاملين في معية سيدي حسن..

هذا اللقاء جرى في احد ايام اكتوبر ١٩٩٤ وحصريا، ما بين ١٧ اكتوبر / ٢٧ من ذات الشهر، توجه سيدي صاحب السمو ولي العهد انذاك الى بيت حابس باشا في غور الصافي منطقة الذراع..

في ذلك العصر كانت الدنيا ساكنة، وكل الاجواء في ترقب اللحظة التي واتت الاردن ليكون كفاح الشهيد المجيد الملك الاول استثناء الشرق من الاردن من صك الانتداب البلفوري الجائر على غربيه، اقول واتت اللحظة التاريخية الحفيد الذي جدد الدور القومي ذي الظل العالي الجد العالي الحسين الاول ليدون هذا الاستثناء (وثيقة من وثائق التاريخ، وكما كان ابناء الضفتين في مشروع الوحدة الاول والاخير للعرب قد انجزوا بدمهم واولهم حابس ومعه بهجت ابو غربية من ابطال القدس الذين وقفوا مع الكتيبة الرابحة دما بدم وطلقة بطلقة فنجى الله القدس من المحاولة الاولى في احتلالها كما انجزوا حرية وطنهم والدفاع عنه توج لهم الحسين طيب الله ثراه
هاذا الانجاز التاريخي (المعاهدة) وادري ان كثيرين من نخبتنا تطعن في جدوى المعاهدة وادري ان بعض اناس يرون فيها ضعفا لكن التاريخ القادم سينصف الحسين ومن وقفوا معه في معركة المعاهدة..

توجه سمو الامير الحسن الى منطقة الذراع.. وكان (سيف نجل حابس رئيس تشريفات سيدي حسن، قد سبق سموه لمنزل ابيه كرئيس تشريفات هيك كانت الدولة زمان ابن العشيرة في خدمة العرش والعشيرة بأمرة الملك وولي عهده و(المجالية) من دون سياسة للتفسير
هي العشيرة التي وقفت دون حساب للربح والخسارة مع الاسياد الهاشميين في اللحظة الاولى…

كان في سيارة سيدي حسن صاحب السمو الملكي، سيدي غازي بن محمد، ومعالي المرحوم النزيه المستشار محمد السقاف، وكنا في السيارة التالية، معالي ميشيل حمارنة، والاعلامي المتميز هاني البدري، وكاتب هذه الشهادة…

كانت هي المرة الاولى التي اقف على روح حابس عن قرب.. وحابس حين يفرد ذراعيه للريح في استقبال هاشمي، تميد بك الارض حبا في الذي تراه!!!

اي طيب في عينيه ابو سطام اي فرحة في تلويحه بابتسامته اي عز ينز من ترحيبه، “يا هلا يا هلا يا هلا سموكم”.. وتعابط (القدران) القدر الهاشمي المنذور لخدمة مليكه الامير الدستوري الدافيء الذي ما بقي حجر اردني الا وقلبه بطرف اصبعه كي يرى ماتحته عبر ٣٤ سنة.. وحين امتثل للامر (مضى كنهايات صلاة) والقدر العسكري الشهم الذي احال الصلية من طرف بندقيته الى قصة كفاح وطني..

هو حابس اكبر مقدسي واكبر كركي واكثر الاردنيين عفة وصبرا.. لذا اغنية (حنا كبار البلد مصروفة له وهو كاتب حروفها) وليست للتجيير او للنقل.. وكبار البلد (بعطاء البلد وليس بالاخذ منه) دارة حابس باشا لا تشبه دور عبدون، في الغور هي دارة تشبه حابس باشا في ملامحه ونظافة يده وهي اقرب كسر عشري الى بيوتنا لان حابس باشا ابن عز وابن نعمة فما فجر ولا تطاول في البنيان مثل كل رجال الدولة الذين فاتوا عمان الى دابوق ماله جبل الحسين واللويبدة وجبل عمان؟!

اول خيبة النخبة انعزالها عن الناس وكان حابس في قلب القلب مع الناس.. بعد كل الطيب الذي بين سموه وحابس طرح سموه حفظه الله ورعاه.. برقة الحسن حين يكون صافيا لا يعرفها الا من كابد غضبته حين يكون حانقا.. الفكرة بحياد مطلق على حابس باشا..

اتذكر الان كيف كان يتململ ابو سطام في كنبته.. وبذات الرقة لكن بحزم من يطيع قائده بشرف، رد حابس: “يا سمو الامير انت تعرف ان سيدنا يامرنا فنطيع لكن شو بدو يقول حابس لاخوانه اللي استشهدوا على ذراعي في باب الواد؟! اقول لهم حطيت ايدي بايد من قتلكم! والله صعبة يا سيدي علي”

وهوى بصوته مناجيا رفاقه كانه راهم.. اضحى الجو (دراما وطنية تستحق الكتابة فيها) ولم يلح سموه.. طلب سيدنا عالهاتف وكان يومها في العقبة.. كما هو التقليد المتبع انسحبنا جميعا ما عدا سيدي غازي وجاء صوت الباشا هادرا مولاي.. وضحكا معا واتفقا على الصيغة التي تهب لزم الشهيد طهارته وتفي السياسة استحقاقها..

اجريت هذي المداخلة اليوم كي اذكر كيف كانت تدار الدولة بحكمة وبتشاور وتنوع ايضا ولاقول ايضا، اننا جميعا مطالبون ان نقول، لان
رجالات الحكومة وابناء عمومتهم في مواقع القرار اربكهم سوء الحظ الذي ركب هذه الحكومة وضعف الروية لديها، سؤال يحزن حد القلق هل يعقل بعد كل هذه المأسي أن تستضيف الرياسة ثلاثة عباقرة من علماء الاعلام من مؤسسة واحدة!؟

ورغم ان الثعالبي احد اساطين الحكمة قد نصح منذ مئات السنين (لا تتعجل النصيحة على من لم يطلبها منك ولا تقدمها لشخص واثق انه لن ياخذ بها)، مع ذلك اقول إن الإعلام قد تم تهشيمه كما تم تهشيم كل الذي نراه امامنا لكن الاعلام كان الخاصرة التي نفذ منها السذج والمتآمرون والحواة والمستأجرون..

واعتقد ان الكيل قد طفح، ترجيت المسؤولين في مقال قبل الازمة، المسؤولين بأدب ورقة (الحال يحتاج الى صفنة) فقط هذا ما قلته لم يبق احد من القاصدين الرسولين الا ومرر لي رسالة فيها شيء من وعيد مبطن، اليوم اقول تذكروا الكبار وكونوا ليس مثلهم بل بعض بعضهم وبعد (اعجبتني الإعلامية المدهشة اخلاص يخلف بمقالة لها عن الطرخون لم يسمى بالخائن) لو اننا مثل فلاحين بلادنا نحرث بعناية
ونعشب بمحبة ونخلع الفاسد من الطرخون والزوان لحظينا بحصاد يخلو من الطرخون..

رحم الله كل البناة واولهم حابس..


 

نشرت في : @عمون  | @صحفي