الوالي الدائم

للاشقاء في تونس، هداياهم اللغوية والتشريعية والتقدمية الباهية لامة العرب…. ولولا (هديتهم للربيع العربي الملتبسة) لقلت ان كل هداياهم كانت منذ العهدة البورقيبية للعرب مميزة….

لكنهم ( نزعوها بثورة الياسمين، التي اكلت من سنامهم واربكت مسيرتهم)..

قدمت هذا لاقول انني احب تسميتهم للحكام الاداريين بـ (الولاة) بدلا من (المحافظين) والحق عندي انه حين سمعت سنة ١٩٨٤ اول مرة
ونحن نطوف ارجاء تونس بدورة شبابية بـ (الوالي) طربت واحسست بدفء العدالة التاريخية لامتنا حين يتلاقى التراث بالواقع (فان عمر بن الخطاب) يصير هو المهيمن (دورا وذكرى) من حينها وانا احلم واتمنى ان يأتي مسؤول جسور يغير وصف (المحافظ) الى (وسم) الوالي في بلادنا ….

ومنذ ان تشرفت بمعرفته، وانا اناديه بـ (الوالي) مباشرة ….!! ومن دون مواربة انا حزين جدا على فراق والي عمان التليد سعد حسين الشهاب موقع كرسي الولاية للعاصمة بدواعي العمر….

العمر؟؟؟

عمر الحكمة والنضوج وتراكم الخبرات تبدا صعودا منذ الخمسين الى ما شاء الله لو ان حكيما في الدولة يعيد النظر في قضايا التقاعد الالزامي رهنا بالعمر…..

نحن الاردنيين ونصبتها قاصدا وليس خطأ (اعني الاردنيين منصوبة على الاختصاص) نحن الاردنيين نرتاب في سبب الثناء ونقبل على القدح والتناول الجائر وبقصد حسن النوايا لمن يريد ان يصدق انني لم ادخل في حياتي مكتب ابو زيد الشهاب ولم يجر بيننا سوى المحبة ولا تقاطع في اية مصلحة جمعتني به لكنني حزين لفراقه عمان وكنت احس من طيبه بونسة دائمة هو سعد. بسيط حد الطيب وامضى من السبف في اخذ القانون بيد العدالة لا بيده بشوش، كريم، حليم ووقور، فاهم درسه…

لماذا اكتب عنه اليوم …..؟
لسببين
الاول وفاء لوالده يرحمه الله ….. والثاني …. احتراما لنظرية اهل سنغافورة في (الرئيس الدائم) عن لي كوان يو، وسعد سيبقى الوالي الدائم..

اواسط الثمانينات.. باشرت رحلة المعرفة الانثروبولوجية في حب البشر والشجر والجبال والوديان والتلال والسهوب الاردنية …

كان الموجه والمعلم والاستاذ المتمكن من كل هذا هو (سيدي حسن) كنت احد من امن به حد العقيدة وامر عبر واسطة احد اتباعه وحينها كنت في الراي صحفيا اعتقد انه الصديق والزميل لاحقا والاخ المحترم عبدالله كنعان ان اكون من ضمن من في معيته لمادبة في دير علا لدى احد سراة القوم من ال عباد الشهامة المرحوم حسين الشهاب رحمه الله …

كان مديد اليد ومهيب القامة … وازنا، رزينا على ما احب ان اظن انه الحقيقة كانت الدنيا اواخر ربيع والشمس في مطلع الغور تلسع ولا توذي واحسست ان الافا من رووس الغنم تنتشر على مدار الجوار … والمكان تملوه الرجال والحكايا وعلى عادة سيدي حسن امده الله بكل العز والعافية وطول العمر اخذ الحوار الى مخابئ لا تخطر على بال احد مستشفى معدي موسم الرعي مياه الشتوة لتلك السنة اعمار الغور تناول الحكومات بالنقد الهين كان سمو الحسن متنفس الروح للناس والطارق لقلوبهم ان قولوا ما تشاوون لكن يا ويل الذي يزل في القيم او التادب !!!!

من يومها اضحى اسم حسين الشهاب له رنته الوطنية في الحب وفي القلب ومرت الايام واخذتنا الدنيا الى مفاجات لا تخطر على بال احد
لتجمعني غربة الشيب مع ابن استاذ السلط ورئيس بلديتها التربوي السيد الاديب المرحوم ابو ايمن (هاني خريسات) دكتور القانون الغالي مالك في البحرين وثالثنا كان محمد العدوان ابو عزيز وعلى الرغم ان البحرين فيها نبل الاحترام للمقيم والاحساس بالغربة ليس سوطا على النفوس فيها الا ان المكان له هوسه ولغته وظللنا مالك وانا ومن بعد انضم الينا فراس او كنا في معيته لا فرق نغني للوطن بطريقتنا
ونعتب عليه بالحنين له …

ذات يوم اكرمني مالك باخباري ان سعد الشهاب في البحرين مثل الاطفال فرحت ونجله بصحبته كان جلالة الملك حمد قد ارسل لي (ذبيحتين) (طعمة) لمناسبة ان جاءه (حمد بن عيسى، بن سلمان شيخ حفيده) وكان ال سعد سيغادر ذات اليوم قلت له ذبائح الملوك لا تليق الا بك ومنعته من السفر بالخوة وفي المطار وفوجئ يومها انني تشرفت بمعرفة والده منذ عشرات السنين من يومها توطدت
الاخوة بيننا سبحان الله كنا يوم الجمعة في معية الصحاب ضيوفا على مائدة (ابو حسين) في علان لا اله الا الله كيف يورث الجود
وتورث الهيئة وتورث الجلسة.. ابو حسين كانه حسين الشهاب…

وفي اليوم التالي احيل الوالي.. تذكرت كيف يعالج الناس ذوي الادارة الديناميكية تكريم الرجال حكومة سنغافورة قررت تكريما وتقديرا لدور (لي كوان يو) ان يكون (الرئيس الدائم) كاني تمنيت ان يكون سعد الشهاب هو (الوالي الدائم) …….

سبحان الله الحبيب المصطفى صلوات الله عليه وسلامه، حين قال حكمته (السنة الخلق، اقلام الحق) من رأى الناس على بابه امس واستمع الى هواتف المؤازرة التي وردته لوافق ان سعد الشهاب شهاب لن يخر ابدا!!

وهو (الوالي الدائم)


 

نشرت في : @عمون