زمن المحادين الجميل ..

ابا طارق الغالي

يا سيد الخزنة المائية الصادق الصدوق.. حملت ملف الماء من دون تبجح ولا ادعاء.. ومن غير مزاودة.. واشربتنا عسلا وماء

تحية لك وحبا، وترحما دائما لروح العم ابو كامل الذي كان في سنام الجبل النابلسي صورة من الجنوب وتغريدة للهبوب…

كان صديق ابائنا وقت الشدة ووقت الامتحانات العسيرة… يا ريت يا كامل ما فرضت الاعراب والعربان علينا حربها المتعجلة عام ١٩٦٧، لتصطحبني الى بلادك هناك ايها النبيل نتعشى المسخن وناكل الرز بالحليب ونعود لعماننا…

هل قلت تصطحبني؟! لان حصتك في بديا وفي سلفيت وفي مردة وكفل حارس وديراستيا وجماعين وسنيريا ذات حصتي في راكين والعدنانية وزحوم..

كم كانت الدنيا فاتنة، هذه الصورة التي اهديتها لـ (عمون) تعني لي ذاك الثالوث الجميل الحسين… برق الامة ورعودها نجم سهيل وقمرها، وعود الله المحادين… مدير الناحية الذي هندس وصمم المتاح والمباح لعشيرة آل سلامة كي تلتمس العفو الملكي الذي تحقق
والثالث كنت انا في احد اطراف الصورة البعيدة احمل علما وانا طفل الوح به لسيدنا، مرحبا ضمن طلبة المدارس الله على تلك الايام…..

لو اننا تجنبنا الحرب لكانت تلك الاصقاع الدافئة بين ايدينا الوحدوية… لكنها الـ ١٩٦٧ سنة البؤس والحزن والرمادة….

ذات يوم.. غضب مني الحسين العظيم على قول قلته امام الصحفيين (اليهود) المرافقين لايهود باراك الوزير المرشح للرئاسة ربما ان ذلك كان في الخمسة الاخيرة من تسعينيات القرن الماضي وكانت صحيفة (هآرتس) اليهودية قد كتبت اقتتاحية عقب زيارتهم لنا بعنوان (الحصرم الهاشمي لم ينضج للسلام في قصور الهاشميين)، وكان المقال قد تناول ما قلته اننا لا نريد دولة فلسطينية ولا مستقبل لدولة يهود وكان كلامي غاضبا جديدا وقل انه غير سياسي وفشيت قلبي…

يومها اخذني سيدي حسن حفظه الله لسيدنا ما اعظم ذاك الباب للحكمة كان وما اهدى باله واعز روحه… نهرني بابوة “بعدين فيك، شو هاد اللي حكيته انت ابننا ومحسوب علينا وبتحكي هيك كلام!!!”…

قلت له يا مولاي اعتذر، لكن غصب عني (لما شفت شاوول مناشيه، وسمعت صوته رجعت ذلك الفتى الذي يستمع لصوته وهو يقول في ال ٦٧ ارفعوا الرايات البيضاء لقد ترككم الجيش وابتعدوا عن مناطق القتال)…

كان هاذا المذيع قد هرم كثيرا وصار وادعا ومسالما كما يبدو لكن الذاكرة قد طغت علي، فجأة سيدنا رحمه الله سأل، “هو هذا المذيع كان هون” اجبت “نعم يا سيدي كان ضمن الوفد الاعلامي الزائر”، اشعل سيجارة وبدأ يحكي عن المرارة التي تركها في قلبه ذلك المذيع والجيش ينسحب من الضفة الغربية.

اليوم وانت تنشر صورة الحسين في سلفيت ارجعتني لذلك الحوار حين قال سيدنا رحمه الله (كان اسواء يوم في حياتي وصوت ذلك المذيع يحرض الناس لرفع الرايات البيضاء وكنت في القيادة العامة) وحكى الحسين وحكى كل احزانه….

لقد فتحت جراحا واحزانا في داخلي هذا اليوم بهذه الصورة… ليتني اعود طفلا في تلك السفوح واستقبل ابو الحسين واعيش فقط لحظة واحدة وامضي فالتحق بهما (الحسين ابونا كلنا، وعودة الله ابوك وعمنا) عاش قلبك الوحدوي يا كامل يا اطيب بني البشر..


 

نشرت في : @عمون  | @صحفي