عروسنا .. وليست “عرسالهم”

عمون – خاص – كتب أحمد سلامة –

شّد اللجام يا راشد..

ثبّت عشيرتك الأقربين (بني حسن) بين يديك مثل اليمام..

وعلى صدرك أنبل وسام…

سلامٌ على روح قلب، بحجم الشمس حين غابت، فـتركت خيوطها حمراء، دماً للشهيد.

في يوم استشهاد راشد. وتجريح رفاقه الغّر الميامين، أشرق الأردن على الشمس. فصار بدماء أبنائه (شمس الله)
على أرضه…

سلامٌ على غبرة الشهيد…

سلامٌ على (حُماة الطْور)…

سلامٌ على من كان سليل بني حسن، زنار القدس واختيار صلاح الدين الأيوبي لأشد الحُماة بأساً، حين زنّرها بحزام البسالة من بني حسن لا بالأحزمة الناسفة الخسيسة..

سلامٌ على رجالات هذه القبيلة ونسوتها العفيفات…

سلامٌ على شماغ أبي راشد، الذي شدّ الفؤاد الى الزناد. وابنه راشد بدمعة واحدة حين صارت الدمعة أكبر من العين بقوله (فدوى لعيونك يا أردن)..

سلامٌ عليك أيها المُبتدى والمُنتهى، حين سَموتَ بجرحك وقدمت واجب العزاء لـ عبد الله القائد الأعلى بفلذة قلبك راشد..

وسلامٌ…

على عبد الكريم الدغمي، أول اليسار الوطني، وأول العروبة الفائرة، وأول الولاء للعرش، الذي حين انتخى به الحسين ذات ضُحىٍ من أيام اكتوبر عام 1994 هتف بقلبه لِـ(عَيناكْ)..

وسلامٌ..

على يوسف الدلابيح، الذي تشرف بقيادة لواء الربح، ولواء الصدق، ولواء البسالة، فصار جلالة القائد الأعلى وهو بعون الله رفاق سلاح…

سلامٌ…

على روح المرحوم يوسف حمدان الجبر الخلايلة، الذي كان يقود الفرقة المدرعة الثالثة في الجيش العربي، ومحمود أبو وندي قائد اللواء الأربعين، ومحمود عبد الرزاق قائد الدروع وجلالة القائد الأعلى يقود السرايا (فتىً هاشمياً مقداماً باسلاً، لا أحلى من طلته على الدبابة ، ولا أجمل) على يمينه كان علي الحباشنة، ومن على يساره ركاد المعايطة…

سلامٌ عليهم أجمعين.. حين فتنونا بطلتهم، ونحن فتية في الصحافة آمنا بربنا ووطننا ومليكنا.. لما رأيناهم عام 1984 ينفذون في قلب القطرانة (مناورة صامد)، أعتى مناورات الجيش العربي في الثمانينيات، وهي مناورة اشتملت على كافة أنواع الأسلحة لمحاكاة استرداد الضفة الغربية…

السلام على السلاح..

الذي أثبت أن الطلقة في التدريب، والطلقة في التعريب، هي ذات الطلقة في فوهة بنادق الرجال الرجال، من سرايا الحب التي قطعت دابر المكر والخيانة في سهوب الشمال…

سلامٌ..

على الهَبوبْ الذي حَمل روح (حابس)، من الكتيبة الرابحة على أطلال القدس، حتى شامة الحب على خدّ الأردن (عزم فيصل الشوبكي ورفاقه)…

وسلامٌ..

على المليك عبد الله، الذي علمنا كلنا كيف نلغي المسافة بين المليك وبين المقاتل…

سلامٌ..

على عبد الله المليك سيدنا، الذي قال للرجال، كوكبة كوكبة، ونجمة نجمة، وطلقة طلقة، “إمضوا الى أقداركم في حماية وطنكم، بترتيل يشبه العبادة ويشبه الصلاة (فالكف تلاطم شبرية)”…

سلامٌ..

على الهَبوب الأردني من الشمال إلى الجنوب…

سلامٌ..

على ريحٍ هَفهفت الـ(بوريه) الذي تشرف بملامسة جبين عبد الله بن الحسين،وهو يهلهل لـ ولده الشهيد بكفيه “الرائد” رمز الشهادة راشد…

وسلامٌ..

على آل هاشم، أمراءً، وسادة وأشرافاً، ورثوا النبوة ديناً وسلالة ومجداً وتواضعاً…

سلامٌ..

على دمعة الحسن، وعلى طلة فيصل، وعلى جبين راشد، الذين أعطوا للأردنيين أمس، درساً كيف يستطيع أن يحيل الملك الوطن كله الى قلب واحد… ان الرواشد في الجيش العربي كلهم راشد، من بني هاشم الى بني حسن، يتواضع القصر، ويسمو أكثر كوخ متواضع في الوطن، حين يقرر قائد الوطن، ان تراب الشهادة يصير كحل العيون بين يديه للأردنيين كلهم…

من يداري بعد اليوم، افتخاره بكوكبة المخابرات… المخابرات التي أحبطت، والتي قاتلت، والتي خططت، والتي أمهلت، لكنها ما أهملت كيف يكون للوطن فرسانه…

من يتواضع بالمباهاة، بفارس القبيلة، عضد أبو الحسين، وبوابة أمننا، فيصل الشوبكي، الشوبك أول دروب توزيع القبائل العربية الدافق الدافء الى أبعد مدى حتى الأندلس… هذا الـ فيصل فيصلنا ، نعرفه ويعرفنا، ما لانتْ له قناة، ولاتطامن له كبرياء، ولا حرّفه غرور..

عرفته منذ أربعين عاماً وهو في الأربعين، طالبا زميلاً في الجامعة الاردنية، وأخاً حميماً، بسيطاً كعشاء الفقراء، ونجماً في الحب والولاء، لجلالة القائد ابو الحسين وسمو ولي عهده الحسين، الذي يحمل في كل اسمه ومحياه الجميل، وهج أبيه وحكمة جده، وعناد جد جده، ومهابة عميد السلالة سَمِيهُ الحسين بن علي…

سلامٌ…

عليك يا أبا فادي، نزهو بك على الدنيا ورفاقك، حين رميت وبسهم جلالة القائد، في وجه العدا، غضبتك الأردنية اليعربية السامية.. شباب مكتهلون في شبابهم ، ينشدون الموت لـ يهبون لنا الحياة..

سلامٌ..

عليك حين صدعت، لأمر جلالة القائد الأعلى، حكمة وتنفيذاً، ليظل الشمال خاصرة الصد، وجبهة الاردن الوضاءة، فـ إربد (عروسنا) وليست (عرسالهم)، ولا هي رقيقة ناعمة كـ (رقّتِهمْ) فـ اربد هي الأردن كله، وحارسة بوابة العروبة كلها، اربد دم كايد المفلح العبيدات، واربد دم وصفي ومنصور كريشان وهو يرد النابالم بيديه من اربد حتى كفر اسد، واربد فروسية فهد جرادات، وحكمة ذوقان الهنداوي، ووعي عون الخصاونة ورجولة عارف البطاينة، ومرجلة بني هاني، ووهرة الخصاونة وروح الروسان العذبة، ووعي صالح الزيودي الذي كان (يُحبحب) أشجار الجامعة الاردنية فيصلها بفلسطين..

واربد عناد الشبول في الشجرة التي تناغي درعا وحوران..

وإربد هي شفيق ارشيدات الذي عاش ومات عربياً..

أنت بدم رفيقك راشد وصحبه، قلتم وقررتم، هكذا وصدقتم الوعد، كيف لا (وابن الزيود) هو مثل الخلايلة، والمشاقبة، والقلاب، والخزاعلة، والدلابيح، والزواهرة، والخوالدة، والى آخر السلسلة الذهبية هم (حُماة الطور)..

سلامٌ..

عليك أيها البطل الأردني (أبا فادي) الذي صدقت وعدك لعمر بن الخطاب، حين بشر الأمة بوعده وحكمته منذ أول عُمر الأمة ومجدها حين قال “ان لكل أمرىء من اسمه نصيب” ، فأنت بِكُنيتك (المُفادي) وأنت باسمك من تلغي المسافة بين الفداء وبين الوطن..

يا أبا فادي..

مرحباً بك مرحبين..

مرحباً بك، يا من كنت امتداداً لحُماةِ العرش، وموجها ورفيقاً لـ (فرسان الحق)، حين أخذك التطواف بخدمة والدك حين كان فارسا من فرسان الأمة، الى كل أرجاء الوطن بضفتيه، إذ ذاك بضفتيه، حين شرفك بالولادة بمجاورة المسيح عليه السلام في بير زيت مسقط رأسك، فاقتبست من ذلك ونس المسيح بالافتداء، وكانت ساحات الأقصى على امتدادها بوابة ملعب صباك، بكل ما يعني مجاورة الطفولة للعبادة تحت القبة والأقصى، من إيمانٍ بآل البيت الأطهار، وعرجت على خليل الرحمن، فاقتبست من صفة الخليل، ورفاقك حب التلاوة لسورة الرحمن الذي علم القرآن ،فأحببت الخليل،والجليل، والنخيل، قدر حبك للقائد والعرب والملك السليل، وعدت إلى دير أبي سعيد واربد، وحط بك المقام مخلصاً وفياً لدرة التاج، وملك التاج، وسيد التاج عبد الله (تاج الرأس)..

ومرحبا بك..

ولكل فرق الحب، وكواكب العشق في المخابرات، وفي الجيش والشرطة والأمن، يا حماة الديار.. يا مصدر العز والفخار..

هل..

بعد أن كانت الدمعة والحفرة والشهادة بين يدي الحسين عبرة وعبارة..

هل نسمي دفن الشهيد مأتماً؟.. أو نقول لأختنا ونخوتنا أم راشد كما كانت أم معاذ نخوتنا…

هل نقول لأم راشد..

من يتجرأ، فيسمي دفن راشد بيدي عبد الله الملك القائد الأعلى رفيق السلاح، مأتماً!؟…

من يتجرأ أو تتجرأ وضع يده أو يدها في يدك، ويقول أو تقول “عظم الله أجرك” ؟…

(لماذا نسميه مأتماً؟! )

لقد كان أجمل عرس رأته الأردن، ويا أم راشد أنت أم العريس ونحن الشهود العدول يوم الزفاف..

هذا موت الخيول الجميلة، هذا صهيل الخيول الأصيلة، هذا ترجل الفرسان عن السروج، لتبقى المروج الى المروج عامرة آمنة…

سيدي أبو الحسين..

في المدينة، في المخيم، في القرية، في المسجد، في الكنيسة، في البادية، في الريف، في المطر، في الصيف، في الحب، في الفرح..

نحن رمشك.. نحن عينك،التي تبصر ما تريد وتأمر، فننفذ…

أرايتَ ملكاً، يدفن شهيداً بيديه قبل اليوم.. أرايت؟!

أرايتَ مليكاً، سليلاً لنبي وجميلاً، كنشيد ساحلي وحميماً مثل رغيف خبز الفقراء..

أرايت حباً، وعيناً، وعسكراً، وسلالة، وطنناً كلهم يصيرون زنداً لعبد الله…

أرايت حين صارت يدك اليمنى، ويدك اليسرى، حين استللت معولك لتبني قبراً فيصير قصراً في الجنة إن شاء الله لـ
راشد وصارت طلتك، على هيئة قمر..

سيدي أنت في النهار قمر..

وفي الليل قمر، وأنت تنافح عن الأمة وروحها، والإسلام وبهائه، أنت القمر..

يا سيدي أنت القمر..

فـ سلامٌ..

على أبيك روحاً،

وعلى جدك شهيداً،

وعلى جد جدك خليفة،

وعلى أبي نمي، صانع أول دولة في تاريخ الأمة..

اللهم صلي على سيدنا محمد..

وعلى آل سيدنا محمد…

حتى يوم الدين..


نشرت في : @عمون