بدون مواربة ولا أدنى احتمال للتخفي وراء حروف المجاملة، فإنني أشهر موقفي المتضامن والمؤازر والداعم للإعلامية الوطنية المثابرة نادية الزعبي.
وموقفي هذا لا يستند إلى شرف تزامل بيننا من قبل ولا معرفة شخصية تدفعني لمساندتها، ولكن دافعي تبجيل واحترام لمهنية سيدة أردنية تسعى أن تُغنّي موالا وطنيا موهوبا، فيه الجديد والخلّاق.
والسؤال القيمي والديني: ما سبب الإفك كقصة بدأت ولن تنتهي في حياة أمتنا، قصة بعض الرجال وربما بعض النساء ممن احترفوا النبش في العرض والقدح في شرف النساء و التجرؤ على وصمهن بالرذيلة إفكا وجسارة.
في الدفاع عن نفسها لدرء شر الإفك عنها، رفعت بنت الأردن الشهمة والشجاعة (نادية) شعارها “مش رح تكسرني”. وبالعودة إلى السؤال: لما التجرؤ على المرأة، أقول:
أولا، إن الإسلام هو أول تشريع منذ أن أورث الله سبحانه الأرض لعباده اعترف بالمرأة توريثا و شريكا، ولذا فأن أكثر من 1400 سنة من عظمة الإسلام لم تستطع محو آثار آلاف السنين من اضطهاد للمرأة قبله والنيل من قدراتهن والتشكيك بروحهن القيادية، وهكذا أتجاسر بالقول إن من اقترفوا فعل الشين بحق نادية ينتمون روحيا وأخلاقيا لعصر ما قبل الإسلام، أي أنهم ليسوا من ملتنا، ولا قيمهم تشبه قيمنا، ولا ملامحهم تداني ملامحنا.
ثانيا، إن فكرة الستر إن وقعت الرذيلة في حياتنا كمسلمين وكعرب لا يحق لأي واحد فتح صدره لإشهارها و تعميمها.
ثالثا، والفاحشة في حياة الأمة تعني الفعل والقول الرديء في حياة الناس، إن ألف قصة وقصة محشودة في تراثنا الديني الحنيف، أدين فيها صاحب الإفك والمتهم للناس بالتشهير الكاذب وعدم اكتمال عناصر التهمة.
أيها الناس، ما بال قوم أو بعض نفر منهم يتجاسرون على حرائرنا وبناتنا بالتزوير والتدليس مستسهلين نشر الفاحشة وسوء الأخلاق والطعن بالأعراض! والسبب بسيط وهو أداة ترويج أفعالهم بواسطة الرذاذ الإلكتروني الذي يخفي مقترفها خلف الشاشات ويجنبه المساءلة.
مجتمعنا كان مثالا للخلق وستر العرض والحفاظ على مكانة المرأة، وعلينا أن نسترد قيم التشميس و(بق البحصة) والكي بالبشعة، وأن ننهض بثورة اجتماعية تحارب الرذيلة، فالقصة ليست كسر نادية الزعبي أو جبر خاطرها، فقصة نادية الزعبي قصة وطن خذله بعض أبنائه وتطاولوا على شرفنا أجمعين، وكأن بناتنا وزوجاتنا وأخواتنا قد أصبحن على مرمى حجر من قبح التطاول و إثم الاتهام.
إن كافة مؤسسات المرأة معنية بهذه المعركة التاريخية ضد الإفك وإذا كانت اليوم نادية، فان غدا سيكون آلاف (الناديات) من حرائرنا.
نتوجه للقضاء الأردني العادل، متأكدين أنه سيتحمل مسؤوليته في هذه الجريمة، وكذلك وحدة الجرائم الإلكترونية، كما أن نقابة الصحفيين بقيادة نقيبها النابه والشجاع، الزميل راكان السعايدة عليه مسؤولية قيادة هذه المعركة المهنية، وإن واجب النقابة وضع خطة وطنية رادعة لحماية الزميلات والزملاء، امتهنوا المهنة وحتى ولو لم يكونوا أعضاء نقابة ويكفي أن يكونوا زملاء مهنة.
إن شعار “مش رح تكسرني” لا يكفي، بل علينا شعار (إلعنوا الأفاكين حيث ثقفتموهم)، ولنقعد لهم كل مرصد ولننتصر لنادية لتكون آخر المعارك.
مطلوب منا جميعا استرداد قيمنا النبيلة في الاحتشام بالقول.
من ضمن العقاب أساء الأدب، وأهل الإفك يتوهمون أنهم قد ضمنوا العقاب.