الاختيار والقرار… مسلسل نبيل
هي المرة الاولى في حياتي التي اكتب فيها عن حاكم عربي خارج اطار (الاردن / العربي الهاشمي)… حتى الشهيد صدام رحمه الله كتبت فيه شهيدا مقالة بعنوان (عائدون اليكم بكفنه) لحظة اغتياله وقبل ذلك كنت اكتب للعراق.. وكنت ارى دوما الكتابة عن الحكام العرب شأن يخص ابناء كل قطر بعينه لأن اهل (البكة ادرى بشعابها)
ذلك التقديم، احببت ان ابدأ به ليس تبريرا للذي اخرجني عن سياقي بل لافسر كم هذا الانسان (عبد الفتاح السيسي) قد امدني بأمل فيه اخرجني عن مبدأ وموقف بالحياة لأنه جدير ان يكتب عنه العرب وليس المصريين وحسب…. فمصر هي مروحة الامة وبركتها، وحين تدور، فان الدنيا من حولنا تدور
حدث ذلك في عصور الايوبيين، والمماليك.. وإني أرنو الى لحظة يلتقط فيها هذا الرئيس انفاسه داخليا.. ليتمكن من تحريك هذه الامة من تشرذمها وانقسامها…
لقد تابعت باناة وصبر مسلسلا واحدا في شهر التقوى والعبادة شاني دائما،، واخترت مسلسل (القرا ر/الاختيار) الذي عرضته محطة المحور المصرية… ولقد ارجعني المسلسل الى تلك اللحظات الرهيبة، والتي مادت الارض خلالها من تحت العرب كأمة وجنس وكيانات.
وكان الرعب كله قد عشناه لحظة ذاك من زوال مصر كـكيان لا سمح الله في بحر فوضى الحرب الاهلية.. لأن كل دولة تذهب طالما ان مصر موجودة فانها ستعود…!! لكن ان ذهبت مصر لا سمح الله فان الأمة كلها تصبح مصيرا واملا موضع سؤال.. وهذا دور واهمية وخطورة رجل الجيش الذي كان (دورا يبحث عن بطل، وكان هو الدور والبطل)
ساكتب القصة كما جرت في ذلك الزمن الصعب…
وافيت شرم الشيخ في حياتي اول مرة في منتصف شهر كانون ثاني سنة ٢٠١١ ميلادية، في مهمة رسمية ضمن الوفد الرسمي البحريني الذي ترأسه سمو ولي عهد البحرين، نيابة عن الملك حمد للمشاركة في قمة اقتصادية عربية اسلامية، ترأسها، الرئيس المصري المتوفي حسني مبارك… كان المشهد ما قبل القاعة سرياليا ويوحي بالحزن لمن يحب مصر… وانا لا اخفي حبي لمصر دوما ..
كانت كلاب الحراسة على المدخل (شبه نائمة!! وينهرها ضابط الحرس الجمهوري فتعاود الكسل بسرعة لتجثو مرة اخرى، كان السواقون والمرافقون وضباط الحرس وسفرجية الفور سيزن يؤدون واجبهم بصورة تخلو من الحماس المعتاد في هذه الاحوال.
داخل القاعة كانت الحال اكثر مرارة، فالرئيس الذي قاد اخطر واهم تحالف في حياة العرب العاربة لدق عنق بغدا د في حرب التسعين، وطلق بالثلاثة عضويته في مجلس التعاون العربي، والقى بكل ثقل مصر في حضن مجلس التعاون الخليجي وتحالف (ويلفوبيتس احمد الجلبي وديك تشيني رامسفيلد) بدا انه فقد كل حيويته وكان متداعيا كانه يلقي اخر خطاب في حياته ليس هذا وحسب!!!
بل ان (صبغة السيد الرئيس لشعره مخفيا شيبته) قد كانت مهلهلة بصورة حانقة وبعض بقع تجاوزتها الصبغة فظهرت حالته ليست حالة رئيس يحكم مصر… وعلى اطراف القاعة تمر العيون على مجموعة من (الشياب) المرهقين بوتفليقة، البشير، حتى عمرو موسى كان كهلا هو الاخر….
وفدان كان الشباب علامة براءة الاختراع فيهما الوفد الاردني…. والوفد البحريني
ولي عهد البحرين كان لم يبلغ الاربعين بعد وفي معيته معالي رئيس ديوانه النبيل الخليفي المميز في علمه وخلقه وحلاوة طلته (الشيخ خليفة بن دعيج ال خليفة، وضم الوفد بعض افراد من العائلة المالكة وكلهم شباب وبعض وزراء)
اما الوفد الاردني فكان برئاسة اكثر رجال الدولة ديناميكية وشبابا وحركة رئيس الوزراء سمير الرفاعي، ومعه السفير الاردني، ابن الاصول والراقي طبعا والوسيم الدكتور هاني الملقي ومرافق عسكري فقط.. كانت مظاهرات الربيع العربي قد باشرت رقصتها في عمان ولمعرفتي النافذة بـ سمير الرفاعي ادركت حجم القلق في عينيه ولم اجد في داخلي اي مبرر لاصافحه لحظة ان تلاقت اعيننا،
ونحن ننتظر قدوم الطائرات على مدرج المغادرة وبعد ايام قليلة كان الرفاعي خارج المكتب الرئاسي لقد انهت عمان المرحلة الاولى في تلك الرقصة المجنونة وباشرت الرحيل الى الصعب في ليل الفورسيزن
كان الوفد الاعلامي البحريني يضم نورين الذوادي ومايسة الذوادي، المذيعة الرئيسة في نشرة تلفزيون البحرين وانا) حين دلف الى الجناح الذي اقيم فيه الاستاذ اسامة سرايا رئيس تحرير الاهرام الذي شرفنا بزيارة مجاملة… وكان الحديث كله عن القادم والخليفة (جمال مبارك ام الجيش) واوضاع الاخوان المسلمين وحالة مصر وقد ابدى الاستاذ سرايا استخفافه بملاحظتي التي ابديتها عن صبغة شعر الرئيس، وكلاب الحراسة والاداء المهيمن عليه الملل.
أتذكر انه اجابني ع طريقة الاخوة المصريين بالاستعلاء الناعم والله يا سعادة المستشار دمك خفيف اوي، البحرين محظوظة فيك اوي !!!!) وشرع بعرض مبهر كيف ان مصر دولة راسخة عميقة قوية وانهى (طالما ان كبير مصر بخير، احنا بالف خير والريس بخير اطمئن يا استاذ احمد)
ما بين لقاء الاستاذ سرايا ومن جاء من بعده… سالتني نورين (شو رأيك في الذي قاله الاستاذ اسامة)!؟
اجبتها ……
للاسف يا نورين حدسي ينبأني انها اخر مرة نرى فيها الاستاذ سرايا رئيس تحرير، ما سمعناه يصلح خطبة مديح امام الرئيس لكن لا يصلح تحليلا بين اعلاميين محايدين… غادرنا شرم الشيخ وبعد يومين اندلعت مصر في وجه الرئيس الذي كان مطمئنا جدا الى ان تونس وليبيا والاردن وسورية ليست كمصر وكان للاسف هو الضحية الاولى للمداهمة التاريخية التي خطط لها اوباما ونفذها الاخوان المسلمين وتعامل معها الاعمام بتفاوت منهم من نجى وانجى بلده ومنهم من اخذها الى جحيم الاستدماء ومنهم من غادر الحياة بذلة قاسية
ومشت الحادثات في شوارع العرب مشي النعي في دار عرس على حد تعبير احمد شوقي… وفي احد ايام فبراير شباط كنا على موعد مع القدر، بعدها دخلت مصر المخاض الذي اوصل المرحوم محمد مرسي الى كرسي الرئاسة وتوالت الاشياء والاقدار واردات الرجال كان التوقع لمصر ما اعلنه (خيرت الشاطر) بعد ٥٠٠ سنة تعالو كلمونا في طلباتكم!!!
وفي لحظة بلغت القلوب الحناجر والترقب كان رهيبا انقض زعيم وقائد على قدره وقال يا منجي مصر من الفتنة…. كان المصري الذي قبض على روح عرابي بيد وعلى عروبته ودينه بيد هو القائد الزعيم عبد الفتاح السيسي
لقد اتيحت لي الفرصة ان القاه عن بعد مرتين بعد ان وطد حكمه وثبت مصر على خارطة الزمن القادم من جديد حين زار البحرين اول مرة واقام له سمو ولي العهد مادبة عشاء اتيحت لي فرصة ان استمع اليه يحكي عن رؤيته المستقبلية ولقد حببني فيه ما لم يقله اكثر من الذي قاله ووجدت فيه زعيم امة قادم بمشروع يعي كل تفاصيله والمرة الثانية جاء للبحرين ضيف شرف على حوار المنامة وكانت تجالسه (اورسولا) وزيرة دفاع المانيا وقتذاك ورئيسة اتحاد القارة المرتبكة بين ماضيها وتبعيتها لواشنطن لاحقا كان رزينا وبحجم مصر.
السيسي هو اول رئيس مصري بعد العهد الملكي ابن مدينة واسرته ثرية من تجار الخان وحي الجمالية فيه من التنوع ما يثري ويخصب الوجدان والسيسي الرئيس صنع ثقافة لزعامة مصر
فهو على مدار حكمه البهي لم يشن لسانه كلمة نابية بحق اشد اعدائه ،دافئا، سيدا لغته سامية، وهذا ما جعل منه رئيسا جديدا لمصر مع الاحترام ل عبد الناصر والسادات ومبارك الا انهم قد اتخذوا الشتائم وسيلة من وسائل الاقناع
كذلك فان الرئيس السيسي قد دخل عدة مكائد ومصائد فكان خصومه واعداء مصر هم المغفلون وليس هو تجنب حرب اليمن وذلك وفاء لذاكرة مصر الخالدة وتجاوز محنة الجوار المؤلم في ليبيا ولم يدخل معترك مواجهة مع تركيا التي كادت ان تذهب كل مخططاته التنموية وفتحت نار جهنم الاثيوبية على مصراعيها لكنه تجنبها بالحكمة وفي ذلك وقار زعيم تاريخي
الرئيس السيسي معجزة التنمية انهاها بفتحه باب المصالحة قبل العيد وهمس في اذنه حامدين صباحي وتقبل ذلك باشراق ونورانية ولئن تمكن الرئيس من فتح باب حوار مع حكماء الاخوان المسلمين فان مصر تكون قد بدات مرحلة اعادة الحياة لدورها القومي الذي ينتظرها على احر من الحب
…..
مسلسل الاختيار والقرا ر وثيقة تاريخية وليست ترويجا لمرحلة او انتصارا لاتجاه
واثبتت الدراما المصرية كفاءتها من جديد
كل عام ومصر الى الفرح اقرب
والى الدور العربي اسرع
والدعاء لله سبحانه
ان يحمي المحروسة
وان يحرس ابنها الرئيس عبد الفتاح السيسي